صون الطير

الطير كلمة هي جمع كلمة الطائر بدليل قوله تعالى: “أَوَلَمْ يَرَوْا إِلَى الطَّيْرِ فَوْقَهُمْ صَافَّاتٍ وَيَقْبِضْنَ . . .” سورة الملك (١٩). والطيور جمع الجمع وجمع الجمع يستخدم للمبالغة وليس لكل في كل حال.
لعل الضغط الإنساني على موائل الطير؛ وهي الأماكن التي تؤول لها الطير من آل أي رجع والموائل هي الأماكن الخاصة بنوع من الطير يتردد عليها بين والفصول المتعاقبة؛ أدى لتناقص أعدادها وقد لاحظه علماء الطير وعلى إثره أنشأت اللجنة العالمية لصون الطير (International Committee for Bird Preservation) وفي سنة ١٩٩٣ تحولت اللجنة إلى حياة الطير العالمية (BirdLife International) وأصبح لها شركاء في كل بلد من الهيئات الأهلية (غير الحكومية) وتدير أمورها من تبرعات مالية.

ولعل حب البشر للطير جاء بسبب رقتها وضعفها ولبراعة طيرانها ولجمال ألوانها وعذوبة أصواتها ولترددها بين المواسم ما جعل النفس تشتاق لها ولحركاتها النشطة بين الأغصان وعلى الصخور وعند الماء. ارتباط الإنسان بها أدى لاهتمامه بحمايتها فهذا أمر فطري عند الإنسان، ومن هنا يبدو أن حماية الطير لها أمر مقبول عند الناس ويدفعون مقابله المال.

لماذا نريد صون الطير؟

١- للطير فؤائد أخرى لا ينتبه لها الإنسان في العادة، أولها أن بعض الطير تلقّح النباتات والأشجار فتساهم في استمرار النباتات والأشجار ومن لا يعرف فوائد النبات للإنسان والحيوان وللكون؟

٢- يساهم في تنظيم أعداد الحشرات فهي غذاء للطير، وقد تكون مراقبة حركات طائر واحد متنقلاً بين الأغصان أو بين رمال الصحراء ينبأ عن كمية الحشرات التي يؤكلها! فهو طوال يومه يُرى وهو يأكل الحشرات من دون راحة أو ملل. وفي دراسة حديثة نشرت سنة ٢٠١٨ قدر كاتبيها أن الطير تستهلك مابين ٤٠٠-٥٠٠ مليون طن من الحشرات في كل سنة. رابط الدراسة Insectivorous birds consume an estimated 400–500 million tons of prey annually وأستطيع أن أتخيل أن الناس في البر أو المزارع وخارج بيوتهم قد لا يستطيعون مقاومة الحشرات من كثرتها عندما تقل أعداد الطير مستقبلاً.

٣- وتستفيد النباتات من الطير في نقل بذورها لأماكن بعيدة تضمن استمرار النباتات في خدمة كوكب الأرض بمن فيه من إنسان وحيوان. ولعل هذا ما نلاحظه عندما تنقطع النباتات من أرضنا بسبب الرعي الجائر ولولا الطير لما عاد النبات لأرضه. فالطير يساهم في استمرار النبات في أرض لا تطؤها أقدام الرعاة ليحافظ عليها لكنه يرجعها لهم بعد زمن لعلهم يرتدعون. فقد تكون عودة النبات بسبب بذرة واحدة نقلها طائر تنبت نباتاً يتيماً تتزايد أعداده سنة بعد سنة ليعود كما كان.

٤- المناطق المائية كالبحيرات وشواطئ البحر تستفيد من الكم الهائل من الطير التي تزورها فهي تأكل القشريات والكائنات الدقيقة والنباتات المائية فتحدث توازناً يمنع طغيان كائن على غيره. فلو زادت نباتات البحر أو البحيرة لقل الأكسجين وماتت الأسماك والكائنات التي تحتاجه، ولو زادت القشريات لملأت البحر ونفق غيرها من الكائنات لعدم توفر غذائهم. فالطير تحافظ على أعدادهم بتوازن. في جون الكويت تفد الطير للجون بأعداد تصل لأكثر من ٦٠٠٠٠ وبعضها كبير الحجم كالغاق يصل بأعداد تصل ل ٥٠٠٠ و يأكل الأسماك الصغيرة لذا فبدون هذه الطير لا نعرف كيف يستطيع الجون أن يستمر في الحياة.

٥- بعض الطير تتغذى على الجيف والحيوانات النافقة فتنفع في تنظيف البيئة من هذه الجيف.

٦- أخيراً! الطير المفرخة في الجزر التي يحيط بها المرجان كجزيرة كبر في الكويت، أعدادها تصل ل ٥٠٠٠ طائر تستمر من الشهر الرابع حتى الشهر الثامن فذرقها وهي تسقطه عندما تصيد فوق الماء يساهم في تخصيب المرجان فيكبر وينمو ولعل ثمةَ ارتباط بين حيوية المرجان وأعداد الطير المفرخة في الجزر البحرية.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *