الهِّرُّ الرَّمْلي
لازال يعيش الهر الرملي في براري الكويت، بالرغم تعرضه كبقية الثدييات لمطاردة العابثين، الذين يرمونه ببنادق الصيد كأن صيد ثمين. وهذا الهر من أصغر الهررة، حيث يبلغ وزنه من 2 إلى 3.5 كيلو جرام، وطوله بدون الذيل من 45 سم إلى 57 سم، ويتميز عن باقي الأنواع برأس كبير وعريض، وأذنين كبيرتين، والأذنان تكونان دائماً بوضع أفقي، مما تساعداه في التخفي.
والهر الرملي يسميه الناس خطأً بالتُّفه خلطاً بين الاثنين، والتُّفَه هو عناق الأرض الذي يسميه البعض الوشق، والوشق كلمة عامية لا توجد في القواميس العربية.
الطائفة: الثَّديِّات (Mammalia)
الرتبة: اللَّحْميِّات (آكلات اللحوم) (Carnivora)
الفصيلة: الكلبيات (Canidae)
النوع: الهر الرملي (Felis margaritaharrisoni)
ويغطي جسم هر الرمال شعر كثيف ناعم يحميه من برودة ليالي الشتاء، وجلده سميك جداً، وبه طبقة سفلية من الفراء. لون شعره رملي محمر وقد يكون رمادي في بعض الأحيان، ويوجد بياض تحت العينين وفي الخدود وكذلك الرقبة بيضاء، وتوجد حلقتان سوداوان قبل نهاية الذيل، وينتهي الذيل بلون أسود. والأذنان بنيتان باصفرار ويوجد خط أسود على أطراف الأذنان من الخلف. وله شوارب بيضاء تماماً، وباطن أقدامه الأربعة مكسوة بغزارة بشعر كثيف أسود يساعده في المشي على الرمال الحارة، وعدم الغوص في الرمال، وكذلك أخفاء أثر أقدامه، وهو كاليربوع الذي له شعر في باطن قدمي يساعده في القفز على الرمال.
الهر الرملي متأقلم في العيش في الصحراء تماماً، ويفضل الأماكن الرملية التي بها نباتات وكذلك الأماكن الحصوية، وهو بسبب عيشه في الصحاري البعيدة عن البشر، وكذلك لصغر حجمه، استطاع أن يحافظ على سلالته بعدم التزاوج من الأنواع الأخرى من الهرر.
والهر الرملي حيوان ليلي، يخرج فقط بعد حلول الظلام للبحث عن الطعام، وقد يبتعد عن جحره مسافة 5 كيلومترات كما دلت على ذلك بعض الدراسات ليرجع لجحره عند الفجر. ويتكون طعامه من قوارض الصحراء وزواحفها والحشرات وكذلك الطيور، وحتى الحيات السامة كالأفعى القرناء، فهو يفاجئها بضربة سريعة على الرأس ثم يلحقها بعضة قوية في الرقبة حتى تموت. ومن عادته دفن الفرائس الكبيرة في الرمال ليعود لها ثانية عند الشعور بالجوع. ولهذا الهر سمع حاد، فبشكل أذناه وتركيبهما الداخلي يستطيع سماع أصوات القوارض وهي في الجحور تحت الرمال ويقال أنه يحفر أحياناً لاستخراجها. وهو دائماً يجثم على الأرض بحيث يكون جميع جسمه ورأسه في مستوى الأرض ليتخفى عن فرائسه وأعدائه، ووضعه الطبيعي أن تكون رقبته على التراب وأذناه في مستوى أفقي كما في الصورة أعلاه.
ويحفر له جحراً تحت الشجيرات المعمرة ويكون في آخره مكان مهيأ للنوم، ويقول العلماء أنه في النهار يكون في وضع سبات لا يتحرك البتة ولا يلعق جسمه كباقي القطط، وذلك ليحافظ على الماء الذي في جسمه وكذلك الطاقة التي في جسمه، ففترة الصيف فترة طويلة لا يتواجد فيها الماء، وجسمه متأقلم على العيش بدون ماء ويستمد الماء من سوائل أجسام فرائسه. وفي نهار الصيف الحار يكون جحر الهر أبرد من الخارج من 5 إلى 8 درجات مئوية وذلك لوجود رطوبة في جحره، ولبرودة استمدها من برد الليل وعدم سقوط أشعة الشمس داخل الجحر.
وينتمي الهر الرملي لعائلة القطط Felidae ولفصيلة margarita ويوجد منه عدة سلالات منها السلالة العربية في جزيرة العرب harrisoni، لذلك فإن اسم السلالة العربية يكون كالتالي”Felidae margarita harrisoni”، وسلالة باكستان scheffeli، وسلالة تركمانستان thinobia، وسلالة النيجر والسودان airensis، وسلالة شمال أفريقيا margarita.
ويعيش هذا الهر حياة انفرادية كباقي الهرر، ويلتقي الذكر بالأنثى في موسم التزاوج وهو على فترتين في السنة، الفترة الأولى شهري مارس وأبريل والفترة الثانية في شهر أكتوبر، وتضع الأنثى مرتين في السنة الواحدة، في كل مرة تضع من 2 إلى 6 جراء بعد حمل مدته شهرين. يبقى الجراء في الجحر تحت رعاية الأم حيث تبدأ الجراء بفتح أعينها بعد أسبوعين، ثم بعدها بأسبوع تبدأ بالمشي. وتبدأ بالأكل بعد أن تبلغ من العمر خمسة أسابيع، ثم تترك الجراء الأم بعد 4 أشهر لتعيش لوحدها. وسن التزاوج لهذا الهر هي من 10 إلى 12 شهر وتعيش عمراً يصل إلى 13 سنة وهي في الأسر في حدائق الحيوان.
الصورة التالية للهر وهو يحاول التخفي تحت شجرة قتاد جافة مملوءة بالأشواك.
وأعداء هذا الهر في الصحراء بعد الإنسان هي العقبان والضباع والثعالب، ولا يتعرض للافتراس إلا الصغار، لأن الكبار تستطيع الدفاع عن نفسها أو الهرب سريعاً. وفي هذا النوع من الهرر يكون الذكر أكبر من الأنثى بنسـبة 25%.
وقتل الهر بدون سبب لا يجوز شرعاً فقد عذبت امرأة لقتلها هرة كما نص الحديث الذي يروى في الصحيحين.
فقد روى مسلم في صحيحيه:
حَدَّثَنَا جُوَيْرِيَةُ بْنُ أَسْمَاءَ، عَنْ نَافِعٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ: أَنَّ رَسُولَ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: “عُذِّبَتِ امْرَأَةٌ فِي هِرَّةٍ سَجَنَتْهَا حَتَّىَ مَاتَتْ، فَدَخَلَتْ فِيهَا النَّارَ، لاَ هِيَ أَطْعَمَتْهَا وَسَقَتْهَا إذْ حَبَسَتْهَا، وَلاَ هِيَ تَرَكَتْهَا تَأْكُلُ مِنْ خَشَاشِ الأَرْضِ”.
وفي رواية أخرى لمسلم في صحيحه:
عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ الله قَالَ: كَسَفَتِ الشَّمْسُ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ- فِي يَوْمٍ شَدِيدِ الْحَرِّ، فَصَلَّى رَسُولُ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ- بِأَصْحَابِهِ، فَأَطَالَ الْقِيَامَ، حَتَّى جَعَلُوا يَخِرُّونَ، ثُمَّ رَكَعَ فَأَطَالَ، ثُمَّ رَفَعَ فَأَطَالَ، ثُمَّ رَكَعَ فَأَطَالَ، ثُمَّ رَفَعَ فَأَطَالَ، ثُمَّ سَجَدَ سَجْدَتَيْنِ، ثُمَّ قَامَ فَصَنَعَ نَحْواً مِنْ ذَاكَ، فَكَانَتْ أَرْبَعَ رَكَعَاتٍ وَأَرْبَعَ سَجَدَاتٍ. ثُمَّ قَالَ: “إِنَّهُ عُرِضَ عَلَيَّ كُلُّ شَيْءٍ تُولَجُونَهُ، فَعُرِضَتْ عَلَيَّ الْجَنَّةُ، حَتَّى لَوْ تَنَاوَلْتُ مِنْهَا قِطْفاً أَخَذْتُهُ -أَوْ قَالَ: تَنَاوَلْتُ مِنْهَا قِطْفاً- فَقَصُرَتْ يَدِي عَنْهُ، وَعُرِضَتْ عَلَيَّ النَّارُ، فَرَأَيْتُ فِيهَا امْرَأَةً مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ، تُعَذَّبُ فِي هِرَّةٍ لَهَا رَبَطَتْهَا، فَلَمْ تُطْعِمْهَا وَلَمْ تَدَعْهَا تَأْكُلُ مِنْ خَشَاشِ الأَرْضِ، وَرَأَيْتُ أَبَا ثُمَامَةَ عَمْرَو بْنَ مَالِكٍ يَجُرُّ قُصْبَهُ فِي النَّارِ”.
وَإِنَّهُمْ كَانُوا يَقُولُونَ: إِنَّ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ لاَ يَخْسِفَانِ إِلاَّ لِمَوْتِ عَظِيمٍ، وَإِنَّهُمَا آيَتَانِ مِنْ آيَاتِ اللهِ يُرِيكُمُوهُمَا، فَإِذَا خَسَفَا فَصَلُّوا حَتَّى تَنْجَلِيَ”.
الصورة التالية للهر وهو يتخفى تحت شجرة قتاد جافة مملوءة بالأشواك.
وفي رواية البخاري:
عَنْ أَسْمَاءَ بِنْتِ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلَّى صَلَاةَ الْكُسُوفِ فَقَامَ فَأَطَالَ الْقِيَامَ ثُمَّ رَكَعَ فَأَطَالَ الرُّكُوعَ ثُمَّ قَامَ فَأَطَالَ الْقِيَامَ ثُمَّ رَكَعَ فَأَطَالَ الرُّكُوعَ ثُمَّ رَفَعَ ثُمَّ سَجَدَ فَأَطَالَ السُّجُودَ ثُمَّ رَفَعَ ثُمَّ سَجَدَ فَأَطَالَ السُّجُودَ ثُمَّ قَامَ فَأَطَالَ الْقِيَامَ ثُمَّ رَكَعَ فَأَطَالَ الرُّكُوعَ ثُمَّ رَفَعَ فَأَطَالَ الْقِيَامَ ثُمَّ رَكَعَ فَأَطَالَ الرُّكُوعَ ثُمَّ رَفَعَ فَسَجَدَ فَأَطَالَ السُّجُودَ ثُمَّ رَفَعَ ثُمَّ سَجَدَ فَأَطَالَ السُّجُودَ ثُمَّ انْصَرَفَ فَقَالَ قَدْ دَنَتْ مِنِّي الْجَنَّةُ حَتَّى لَوْ اجْتَرَأْتُ عَلَيْهَا لَجِئْتُكُمْ بِقِطَافٍ مِنْ قِطَافِهَا وَدَنَتْ مِنِّي النَّارُ حَتَّى قُلْتُ أَيْ رَبِّ وَأَنَا مَعَهُمْ فَإِذَا امْرَأَةٌ حَسِبْتُ أَنَّهُ قَالَ تَخْدِشُهَا هِرَّةٌ قُلْتُ مَا شَأْنُ هَذِهِ قَالُوا حَبَسَتْهَا حَتَّى مَاتَتْ جُوعًا لَا أَطْعَمَتْهَا وَلَا أَرْسَلَتْهَا تَأْكُلُ قَالَ نَافِعٌ حَسِبْتُ أَنَّهُ قَالَ مِنْ خَشِيشِ أَوْ خَشَاشِ الْأَرْضِ.
الصورة التالية تبين كيف يفرش الهر جسمه على الأرض ليتخفى، ويدخل رأسه تحت شجرة النصي الجافة.
ذلك ينطبق على الثعلب في الصحراء فهو حيوان لا يضر الإنسان بشيء، يعيش في الصحاري و لا يدخل القرى، ولنا في البهائم أجر وفي الكلب أيضاً، إن ساعدناهم في الشرب فما بال من يقتل الحيوان فقط للهو.
فقد روى البخاري في صحيحه الحديث التالي:
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ بَيْنَا رَجُلٌ يَمْشِي فَاشْتَدَّ عَلَيْهِ الْعَطَشُ فَنَزَلَ بِئْرًا فَشَرِبَ مِنْهَا ثُمَّ خَرَجَ فَإِذَا هُوَ بِكَلْبٍ يَلْهَثُ يَأْكُلُ الثَّرَى مِنْ الْعَطَشِ فَقَالَ لَقَدْ بَلَغَ هَذَا مِثْلُ الَّذِي بَلَغَ بِي فَمَلَأَ خُفَّهُ ثُمَّ أَمْسَكَهُ بِفِيهِ ثُمَّ رَقِيَ فَسَقَى الْكَلْبَ فَشَكَرَ اللَّهُ لَهُ فَغَفَرَ لَهُ قَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ وَإِنَّ لَنَا فِي الْبَهَائِمِ أَجْرًا قَالَ فِي كُلِّ كَبِدٍ رَطْبَةٍ أَجْرٌ.
وأكثر الحديث رواية هو عبد الرحمن بن صخر المكنى بأبي هريرة، وقد روى الحاكم النيسابوري في كتابه المسمى المستدرك على الصحيحين في سبب تكنيته بأبي هريرة الحديث التالي:
عن أبي هريرة -رضي الله تعالى عنه- قال:
كان اسمي في الجاهلية: عبد شمس بن صخر، فسميت في الإسلام عبد الرحمن، وإنما كنوني بأبي هريرة، لأني كنت أرعى غنما لأهلي، فوجدت أولاد هرة وحشية، فجعلتها في كمي، فلما رجعت عنهم سمعوا أصوات الهر من حجري.
فقالوا: ما هذا يا عبد شمس؟
فقلت: أولاد هر وجدتها.
قالوا: فأنت أبو هريرة.
فلزمتني بعد.
قال ابن إسحاق: وكان أبو هريرة وسيطا في دوس، حيث يحب أن يكون منهم.
الصورة التالية والهر يخفى نفسه بين أغصان حماطة جافة.