العوسج

قال تعالى: “فَلَمَّا أَتَاهَا نُودِي مِن شَاطِئِ الْوَادِي الْأَيْمَنِ فِي الْبُقْعَةِ الْمُبَارَكَةِ مِنَ الشَّجَرَةِ أَن يَا مُوسَى إِنِّي أَنَا اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ “

سورة القصص الآية 30

جاء في جامع البيان عن التأويل بالقرآن للطبري:
حدثنا القاسم، قال: حدثنا الحسين، قال: حدثني أبو سفيان، عن معمر، عن قتادة، في قوله “البقعة المباركة من الشجرة” قال: الشجرة عوسج. قال معمر، عن قتادة: عصا موسى من العوسج؛ والشجرة من العوسج.‏
الصورة التالية تبين شجرة العوسج:

و كذلك الصورة التالية تبين شجرة العوسج:

العوسج شجرة شوكية معمرة من العائلة الباذنجانية (Solanaceae ) تبنت في الأرض الرملية والصخرية يصل ارتفاعها إلى المتر ونصف وهي مورقة في جميع الأوقات ويتجدد نموها مابين شهري مارس وأبريل، وزهرتها تكون بوقية الشكل بلون بنفسجي فاتح أو أبيض وبها خمس بتلات. وثمرتها كروية الشكل بلون برتقالي أو أحمر، وتكون أصغر قليلاً من حبة الحمص، وتؤكل ثمارها وهي حامضة تشبه طعم الطماطم. وهي من الشجيرات التي يتشائم منها البدو ويزعمون أن الجن يسكنها، والإبل إذا كانت معتلة تأتيها من مسافات بعيدة لتتغذى عليها. وفي الربيع تؤمها الطيور وتستخدمها الطيور الجارحة الصغيرة كالصرد بغرز فرائسها على شوكها. الصورة التالية تبين شجرة العوسج وبها الثمر وقد التقطت الصورة في شهر أبريل:

قال في لسان العرب:
والعَوْسَجُ، شجر من شجر الشَّوْك، وله ثمر أَحمر مُدَوَّرٌ كأَنه خرز العقيق؛ قال الأَزهري: هو شجر كثير الشوك، وهو ضُرُوب: منه ما يثمر ثمراً أَحمر يقال له المُقَنّع، فيه حُموضة؛ وقال ابن سيده: والعَوْسَجُ المَحْضُ يقصُر أُنْبُوبه، ويصغُر ورقه، ويصلُب عُوده، ولا يعظم شجره، فذلك قلب العَوْسَج وهو أَعتقُه؛ قال: وهذا قول أَبي حنيفة الدينوري (ت282هـ)؛ وقيل: العَوْسَج شجر شاكٍ نجديّ، له جَناة حمراء؛ قال الشماخ:
مُنَعَّمَة لم تَدْرِ ما عَيْشُ شَـِقْوَةٍ ولم تَغْتَزِلْ يَوْماً على عُود عَوْسَج
واحدته عَوْسَجَة، ومنه سُمِّي الرجل؛ قال أَعرابي، وأَراد الأَسدُ أَن يأْكله فلاذَ بعَوْسَجَة:
يَعْسِجُني بالخَوْتَلَهْ،
يُبْصِرُني لا أَحْسَبُه
أَراد يَخْتِلُني بالعَوْسَجَة، يحسَبني لا أُبصره.
الصور التالية تبين شكل ورق العوسج:

والخَزِيزُ: العَوْسَجُ الجاف الذي يجعل على رؤوس الحيطان ليمنع التَّسَلُّقَ. وخَزَّ الحائطَ يَخُزُّه خَزّاً: وضع عليه شوكاً لئلا يطلع عليه.
ابن الأَعرابي: الضَّرِيعُ العَوْسَج الرَّطْب، فإِذا جف فهو عَوْسج، فإِذا زاد جُفوفه فهو الخَزِيزُ. والخَزّ: تغريز العوسج على رؤوس الحيطان. وفلان خَزَّ حائطه أي: وضع فيه الشوك لئلا يُتَسَلَّق.
والخَزّ: الطعن بالحِراب. ويقال: خَزَّهُ بسهم واختَزَّه إِذا انتظمه. وجاءَ في التفسير: أَن الكفار قالوا: إِنَّ الضريعَ لتَسْمَنُ عليه إِبلنا، فقال الله عز وجل: {لاَ يُسْمِنُ وَلاَ يُغْنِي مِنْ جُوعٍ}. وجاء في حديث أَهل النار: “فيُغاثون بطعام من ضريع”. قال ابن الأَثير: هو نبت بالحجاز له شوْكٌ كبار يقال له: الشبرق.
والمُصْعُ والمُصَعُ: حَمْلُ العَوْسَجِ وثَمَرُه، وهو أَحمر يؤكل، الواحدة مُصْعةٌ ومُصَعة، يقال: هو أَحمر كالمُصَعَةِ يعني: ثمرة العوْسَجِ، ومنه ضَرْبٌ أَسود لا يؤكل على أَرْدإِ العَوْسَجِ وأَخْبَثِه شوْكاً. قال ابن بري: شاهد المُصَعِ قول الضبّيّ:
أَكانَ كَرِّي وإِقْدامي بِفي جُرَذٍ بين العَواسِجِ، أَحْنى حَوْلَه المُصَعُ؟
وعُرَامُ الشجرة: قِشْرُها؛ قال:
وتَقَنَّعي بالعَرْفَجِ المُشَجَّجِ وبالثُّمامِ وعُرامِ العَوْسَجِ
وخص الأَزهري به العَوْسَجَ فقال: يقال لقُشور العَوْسَج: العُرامُ، وأَنشد الرجزَ.
وعَرَمَ الصبيُّ أُمَّه عَرْماً: رَضَعها، واعْتَرم ثَدْيَها: مَصَّه.
قال ابن بري: وقيل: العَنَم: ثمر العَوْسَج، يكون أَحمر ثم يسودّ إذا نَضِجَ وعَقَد، ولهذا قال النابغة: لم يَعْقِدْ؛ يريد لم يُدْرِك بعد.
وقال أَبو عمرو: العَنَم: الزُّعْرُور؛ وقد ورد في حديث خزيمة: “وأَخلَفَ الخُزَامَى وأَيْنَعَتِ العَنَمَةُ”.
وفي الدر المنثور في التفسير بالمأثور للسيوطي:
وأخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم عن الحكم قال: كانت عصا موسى من عوسج، ولم يسخر العوسج لأحد بعده.
وفي تفسير الجلالين:
(فلما أتاها نودي من شاطيء) جانب (الواد الأيمن) لموسى (في البقعة المباركة) لموسى لسماعه كلام الله فيها (من الشجرة) بدل من شاطيء بإعادة الجار لنباتها فيه وهي شجرة عناب أو عليق أو عوسج (أن) مفسرة لا مخففة (يا موسى إني أنا الله رب العالمين)
الصور التالية تبين شكل ورق العوسج وكذلك ثمرته:

وفي مجمع الأمثال للميداني:
“صَقْرٌ يَلوذُ حَمَامُهُ بِالْعَوْسِجِ”
يضرب للرجل المهيب. وخصَّ العوسج لأنه متداخل الأغصان يَلُوذ به الطير خوفا من الجوارح، قال عِمْرَان ابن عصام العنزي لعبد الملك بن مروان:
وبَعَثْتَ من وَادِ الأغر مُعَتِّباً صَقْراً يَلُوذُ حَمَامُه بالعَوْسَجِ
فإذا طَبَخْتَ بِنَارِهِ أنْضَجْتَهُ وَإذا طَبَخْتَ بِغَيْرِهَا لم تُنْضِجِ
يعني الحجاج بن يوسف.‏
وأورد الميداني كذلك المثل التالي:
” هُوَ أشَدُ حُمَرَةً مِنَ المًصَعة”
وهو ثمر العَوْسَج أحمر ناصع الحمرة.‏
وورد في الجامع لأحكام القرآن للقرطبي:
قوله تعالى: “فلما أتاها” يعني الشجرة قدم ضميرها عليها “نودي من شاطئ الواد” “من” الأولى والثانية لابتداء الغاية، أي أتاه النداء من شاطئ الوادي من قبل الشجرة و”من الشجرة” بدل من قوله: “من شاطئ الواد” بدل الاشتمال، لأن الشجرة كانت نابتة على الشاطئ، وشاطئ الوادي وشطه جانبه، والجمع شطان وشواطئ، وذكره القشيري، وقال الجوهري: ويقال شاطئ الأودية ولا يجمع وشاطأت الرجل إذا مشيت علي شاطئ ومشى هو على شاطئ آخر “الأيمن” أي عن يمين موسى وقيل: عن يمين الجبل “في البقعة المباركة من الشجرة” وقرأ الأشهب العقيلي: “في البقعة” بفتح الباء وقولهم بقاع يدل علي بقعة، كما يقال جفنة وجفان ومن قال بقعة قال بقع مثل غرفة وغرف “ومن الشجرة” أي من ناحية الشجرة قيل: كانت شجرة العليق وقيل: سمرة وقيل: عوسج ومنها كانت عصاه، ذكره الزمخشري وقيل: عناب، والعوسج إذا عظم يقال له الغرقد وفي الحديث: (إنه من شجر اليهود فإذا نزل عيسى وقتل اليهود الذين مع الدجال فلا يختفي أحد منهم خلف شجرة إلا نطقت وقالت يا مسلم هذا يهودي ورائي تعال فأقتله إلا الغرقد فإنه من شجر اليهود فلا ينطق) خرجه مسلم.
الصور التالية تبين شكل ثمر العوسج:

الصورة التالية تبين شكل ورق وزهرة العوسج وكذلك ثمرته:

الصورة التالية تبين شكل ورق وزهرة العوسج وكذلك ثمرته: