حتى إِذا نَوَّرَ الجَرْجارُ وارْتَفَعَتْ | عنها هَزيلَتُها، والفحلُ قد ضَرَبا |
القُرّاصُ نبات حولي ينبت في الربيع بعد سقوط الأمطار وهو من الفصيلة المركبة Compositae وهو كثير الفروع من قاعدته ويرتفع عن الأرض بمقدار 20سم. الأوراق عصارية بها زوائد وهي تشبة أوراق الجرجار وكذلك أوراق الأسليح السفلية لكنها بحجم أصغر.
وتظهر الزهور على حوامل طويلة أعلى من الأوراق، وهي صفراء فاقعة مدورة بقطر 1سم وهي بكثافة زهور الجرجار (الزملوق) لذلك لها منظر بديع، وإذا جفت الزهور يظهر داخلها بذور حمر مستطيلة.
وسمي القراص قراصاً لطعمة القارص الحامض وهو يضاف إلى الأقط.
والقراص كما تذكر القواميس هو هذا النبات وكذلك زهر الأقحوان إذا يبس وهو شبيه البابونج وليس البابونج كما تذكره بعض القواميس.
وجاء في اللسان:
والقُرّاصُ: نبت ينبت في السُّهولة والقِيعان والأَوْدية والجَدَدِ وزهرهُ أَصفرُ وهو حارٌّ حامض، يَقْرُص إِذا أُكِل منه شيء، واحدتُه قُرّاصةٌ.
وقال أَبو حنيفة: القُرّاص ينبت نباتَ الجِرْجِير يطُول ويَسْمُو، وله زهر أَصفر تَجْرُسُه النَّحْلُ، وله حرارة كحرارة الجِرْجِير وحبٌّ صغار أَحمر والسوامُّ تحبُّه، وقد قيل: إِن القُرّاصَ البابونَج وهو نَور الأُقْحُوان إِذا يَبِس، واحدتُها قُرّاصة.
والمَقارِصُ: أَرضون تُنْبِتُ القُرّاصَ. انتهى
وقد ذكر الشعراء القراص في شعرهم فهذا الأخطل يقول:
فردٌ تغنيهِ ذبـانُ الرياضِ، كما غنى الغـواةُ بصنجٍ عندَ إسوارِ
كأنهُ من ندى القراصِ مغتسلٌ بالورسِ أو خارجٌ من بيتِ عطارِ
ويقول الصنوري:
فثمارُ ذا جودٌ ومجدٌ خالدٌ وثمارُ ذا القلاَّمُ والقرَّاصُ
ويقول الشريف الرضي:
مالي وما للقدر المعاصي كالعير مضروباً على القماص
أين أبو العوام للعواصي يروضها والخيل والدلاص
ورعيها بين القنا العراص من آمـن القلام والقراص
وللقرى والطرق الخراص وللقنـا يلدغن بالاخراص
ويقول النابغة الجعدي:
خَلِيليَّ غُضَّا سَاعَةً وَتَهَجَّرَا ولُومَا عَلَى ما أَحْدَثَ الدَّهْرُ أَو ذَرَا
أَلَمْ تَعْلَمَا أَنَّ انصِرَافاً فَسُرْعَةً لِسَيْرٍ أَحَقُّ اليومَ مِنْ أَنْ تُقَصِّرَا
وَلاَ تَسْأَلا إِنَّ الحَيَاةَ قَصِيرَةٌ فَطِيرَا لِرَوْعَاتِ الحَوَادِثِ أَو قِرا
وإِنْ جَاءَ أَمرٌ لا تُطيِقَانِ دَفْعَهُ فَلاَ تَجْزَعَا مِمَّا قَضَى اللّه واصْبِرا
أَلَمْ تَعْلَما أَنَّ الَملاَمَةَ نَفْعُهَا قَلِيلٌ إِذَا ما الشَّيءُ وَلَّى فَأَدْبَرَا
تهِيجُ اللِّحَاءَ والَملاَمَةَ ثُمَّ مَا تُقَرِّبُ شَيئاً غيرَ مَا كَانَ قُدِّرَا
لَوَى اللّهُ عِلْمَ الغَيْبِ عَمَّنْ سِوَاءهُ وَيَعْلَمُ منهُ مَا مَضَى وتأَخَّرَا
رَكِبْتُ الأُمُورَ صَعْبَهَا وَذَلُولَهَا وَقَاسَيْتُ أيَّاماً تُشِيبُ الَحزَوَّرَا
تَبِعْتُ رَسُولَ اللّهِ إِذْ جَاءَ بالُهدَى وَيَتْلُـو كِتَابـاً كالَمجَرَّةِ نيِّرَا
وَجَاهَدْتُ حتَّى مَا أُحِسُّ وَمَنْ مَعِي سُهَيْـلاً إِذَا لاَحَ ثُمَّتَ غَوَّرَا
أُقِيمُ عَلَى التَّقْوَى وأَرْضَى بِفِعِلهَا وَكُنْتُ مِنَ النَّارِ المخُوفَةِ أوجرَا
وطوَّفْتُ في الرُّهْبَانِ أَعْبُرُ دِينَهُم وسَيَّرْتُ في الأَحْبَارِ مَا لَمْ تُسَيِّرَا
فَأَصْبَحَ قَلْبِي قَدْ صَحَا غَيْرَ أَنَّهُ وَكُلُّ امرِىءٍ لاَقٍ مِنَ الدَّهْرِ قِنْطِرَا
تَذَكَّرَ شَيْئاً قَدْ مَضَى لِسَبيِلـهِ وَمِنْ حَاجَةِ الَمحْزونِ أَنْ يَتَذَكَّرَا
نَدَامَايَ عَنْدَ الُمنْذِرِ بنِ مُحَرِّقٍ أَرَى اليومَ مِنْهُمْ ظاهِرَ الأَرضِ مُقْفِرَا
كُهُولاً وَشُبَّاناً كأَنَّ وُجُوهَهُمْ دَنَانِيرُ مِمَّا شِيفَ في أَرضِ قَيْصَرَا
وَمَا زِلْتُ أَسْعَى بينَ بَابٍ وَدَارةٍ بِنجْرَانَ حتَّى خِفْتُ أَنْ أَتَنَصَّرَا
إِذَا مَلِكٌ مِنْ آلِ جَفْنَةَ خَالُـهُ وَأَعْمَامُهُ آلُ امرىءٍ القيسِ أَزْهَرَا
يَرُدُّ عَلَيْنَا كَأْسَـهُ وَشِـوَاءهُ مُنَاصَفَـةً والشَّرعَبَيَّ الُمحَبّرَا
وَرَاحاً عِراقّيـاً وَرَيْطـاً يَمَانِيّاً وَمُعْتَبَطاً مِنْ مِسْكِ دَارِينَ أَذْفَرا
أُولَئكَ أَخْداَني مَضَوْا لَسَبيلهِـمْ وَأَصبَحْتُ أَرجوُ بَعَدهُم ْأن أُعَمَّرَا
وَمَا عُمُري إِلاَّ كَدَعْوَةِ فارِطٍ دَعَا رَاعيـاً ثمَّ استمرَّ فأَدبْـرَا
وَأَرْضٍ عليها نَسجُ ريحٍ مَريضَةٍ قَطَعتُ بحُرْجُوجٍ مُساندَةِ القَـرَا
مَروجٍ طَرُوجٍ تَبْعَثُ الوُرْقَ بَعْدَمَا يُعرِّسْـنَ شَكْوَى آهَـةً وتَذَمُّرَا
وَتبْتَزُّ يَعفُورَ الصَّـرِيمِ كِنَاسَـهُ فَتُخرجُـهُ مِنهُ وإنْ كانَ مُظْهِرَا
كَناشِطَةٍ من وَحشِ حَوْمَلَ حُرَّةٍ أَنامتْ لَدَى الذَّيْنَيْنِ بالفافِ جُؤذَرَا
رَأَى حَيثُ أَمَسىَ أَطلَسَ اللَّوْنَ بائساً حريصـاً تُسَمِّيهِ الشَّياطِينُ نَهسَرَا
طَويلُ القَرَا عَاري الأَشَاجعِ شَاحِبٌ كَشقَِّ العَصَا فُوهُ إذاَ مَا تَضَوَّرَا
فَبَاتَ يُذَكَّيـهِ بغير حَدِيـدَةٍ أخو قَنصٍٍ يُمسي ويُصبحُ مَفْطِرا
إذا مَا رأى مِنهُ كَراعاً تَحَرَّكتْ أَصابَ مَكَانَ القَلبِ مِنهُ فَفَرْفَرَا
فَلاقَتْ بَيَاناً عِنْدَ أَحْدَثِ مَعْهدٍ إهَاباً وَمعْبُوطاً من الجَوْفِ أحْمَرَا
وَخدّاً كَبُرْقُوعِ الفَتَاةِ مُلَمَّـعٍ وَرَوْقَينِ لَمَّـا يَعْدُوَا أَن تَقَشَّرا
فَلَمَّا سَقَاهَا البَأسَ وارتْدَّ لُبُهَـا إليهـا وَلَمْ يَتُركْ لَهَا مَتَذَكَّرَا
فطافت ثلاثاً بَيْنَ يَوْمٍ وَلَيلـةٍ وَكَانَ النَّكيرُ أَن تُضيفَ وتَجْأَرَا
فبَاتَتْ كَأنَّ بَطْنَهَا طَيُّ رَيْطـةٍ إِلى نَعِجٍ مِنْ ضَائِنِ الرَّملِ أعفَرَا
إِلى دِفْءِ أَرْطَـاةٍ تُثِيرُ كِنَاسَهَا تَبَوّأُ مِنهَـا آخِرَ اللّيلِ مُجْفَرَا
يَزِلُّ النَّدَى عَنْ مِدْريَيْهَـا كَأَنَّهُ جُمانٌ جَرَى في سِلْكِهِ فَتَحّدَرَاَ
تَلأْلأَ كالشِّعْرَى العَبُورِ إذَا بَدَتْ وَكَانَ عَمَـاءٌ دُوَنهَـا فَتَحَسَّرَا
فَهَايَجَها حُمْشُ القَوَائِمِ سَابحٌ رَعَى بِجِواءِ الجِنِّ بالصَّيفِ أَشْهُرَا
أُتِيح لَهَا مِنْ أَرضِهَ وَسَمائِـهِ فَلَمَّـا رآهَا مَطْلِعَ الشَّمسِ بَرْبَرَا
كَبَرْبَرَةِ الرُّوميِّ أُوجِعَ ظهْـرُهُ عَلَى غَيْرِ جُرْمٍ فاسْتَضَافَ ليُنْصَرَا
فَلَمَّا رَآهَا كَانَتِ الهمَّ والهَوَى وَلَمْ يَـرَ غَمّاً عِنْدَهَـا مُتَغَيَّرَا
فَبَاهَى كَفَحلِ الشَّوْلِ يَنْفُضُ رأَسَهُ كَمَا خَيَّسَ الوَضْعُ الفَنِيقَ المُجَفَّرَا
فَكَانَ إليها كالذي اصْطَادَ بِكْرَهَا شِقَاقاً وبُغْضاً أَو أَطَمَّ وَأهْجَرَا
وَجَاَلَتْ بِهَا رُوحٌ خِفَاقٌ كَأَنَّهَا خَذَارِيفُ تَذْري سَاطِعَ اللّونِ أَكدَرَا
كَأصْدَافِ هِنديِيَّنِ زُبٍّ لِحَاهمَا بِدَارِينَ يَبْتَاعَانِ مِسكاً وَعَنَبْرَا
فَلَمَّا رَأى أَنْ لَمْ يُصَادِفْ فُؤَادَهَا وَكَانَ النّكاحُ خَيْرُهُ ما تيَسَّرَا
كَسَا جَذْبُ رِجْلَيْهَا صَفيِحَةَ وَجْهِهِ وَرَوْقَيْهِ رِبْعِيَّ الخُزَامىَ المُنَّورَا
بِمَرْجٍ كَسَا القُريانُ ظَاهِرَ لِيطهَا جِسَاداً مِنَ القُرَّاصِ أَحْوَى وأَصفَرَا
إذا هَبَطَا غَيْثاً كَأَنَّ جمَـادَهُ مُجَللّـةً مَنْهَـا زَرَابيُّ عَبْقَرَا