لعنكبوت الصيادة الرمادية يقال أنها تنتمي لفصيلة Lycosidae لكنها لم تصنف علمياً بعد وهي من العناكب التي تخرج ليلاً للصيد كما تفعل الشَبَث والعقرب، وهي تختلف عن بقية العناكب بأنها تخرج للصيد أما الأنواع الأخرى من العناكب فهي لا تبرح مكانها ولكنها تنتظر وتترقب لكي يقع صيدها في شباكها التي تنسجها وتعيش بالقرب منها وبسبب خروجها للصيد سميت بالعناكب الصيادة أو عناكب الذئب وهي أسماء أجنبية. وقد وصفها الجاحظ (ليث عفرين) بأنها تصيد الذباب صيد الفهود، ومتى وثبت لم تخطئ، وأن لها ست عيون.
تعيش العنكبوت الصيادة البنية في جحور تحفرها بنفسها أو تختبئ في الشقوق الصخرية، أما جحورها فهي حفرة رأسية بعمق 10سم ثم تتمدد أفقياً 15 سم، وتعيش حياة انفرادية وتصيد بنفسها الحشرات ولا تتردد في أكل العناكب التي من نفس جنسها وهي شرسة الطباع قوية الافتراس، وقد اصطدت اثنين بالقرب من بعضها واضطررت لوضعهما في علبة واحدة وعند العودة للسيارة وكانت تبعد 10 أمتار فقط خلصتهما من صراع عنيف كانت نتيجته موت أحدهما.
وتعتبر العناكب الصيادة بشكل غير سامة أو سميتها بسيطة لا تؤذي الإنسان لكن لسعتها مؤلمة، وعندما تصيد فريستها تقطعها بعض القطع أو تفتح فتحات فيها ثم تمتص السوائل التي بداخلها لتتركها ناشفة من الداخل.
العنكبوت الرمادية تعتبر أصغر من العنكبوت الصيادة البنية وقد وصل طول جسم العينة المصورة (بدون الأرجل) 1.4 سم، لها أربعة أزواج من الأرجل تستخدمهم في المشي، ولها يدان أماميتان قصيرتان، ولها فكّان عريضان، وهناك انتفاخان بنيان محمران حول الفكين وهما بحجم إحدى عينيها الكبيرتين. أما عيونها فهي ثمانية! ابتداءً من أعلى الفك توجد عينان صغيرتان، وفوقهم عينان أكبر السابقتان وأكثر تقارباً من بعضهما، ثم نرى فوقهما عينين كبيرتين غالباً ما تلمعان في الليل عند انعكاس الضوء عليهما كأعين القطط، ثم هناك عينان جانبيتان في أعلى الرأس تسمحان لها بالرؤية الخلفية والجانبية لتتفادى بهما أعدائها.
وفي أعلى البطن والصدر يوجد نقش متميز يتشابه هذا النقش مع النقش الذي على العنكبوت الصيادة البنية وهو بشكل متماثل في كلا الجانبين، وفي أسفل البطن يوجد ما يشبه الختم بلون برتقالي يوجد كذلك في العنكبوت الصيادة البنية وأيضاً في عناكب الأرملة السوداء.
الذكر البالغ بعد أن يبنى خيوط حريرية يخرج من جسمه مادة التزاوج ويلصقها على هذا النسيج وعندما يرى الأنثى يبدأ بتحريك يديه وتبادله الأنثى الحركات نفسها ثم يلتقط بيديه مادة التزاوج ليضعها تحت جانبها ثم يتجه للجانب الآخر ليعمل نفس الشيء الذي يكرره عدة مرات ويستغرق هذا الأمر من ساعة واحدة إلى ست ساعات.
عندما تبيض الأنثى تضع بيضها في كيس أبيض ورقي تصنعه لنفسها من خيوطها وتحمله وتجره خلفها ومعها أينما ذهب، وعندما يفقس البيض تشق الكيس ليخرج الصغار ليتسلقوا على ظهرها وتحملهم معها أينما ذهبت وتطعمهم. يقال أنه قد تتقاتل أنثيان مع بعضهما البعض فتحمل القاتلة صغار المقتوله على ظهرها أو أن الصغار يتركوا الأم المقتولة ليتسلقوا ظهر الأم القاتلة. الصغار يبقوا على ظهر أمهم لمدة طويلة (بعض الأنواع تصل مدة تعلقهم بأمهم 6 أشهر) إلى أن يكبروا ويتركوا الأم ليعيشوا بعد ذلك لوحدهم.
وقد جاء في كتاب اللسان لابن منظور:
والعُكَاشة والعُكَّاشةُ: العنكبوت: وبها سمي الرجل. وتَعَكَّشَ العنكبوتُ: قبَض قوائمه كأَنه يَنْسُج. والعُكَّاشُ: ذكَرُ العنكبوت.
ويقال لبـيت العنكبوت: عُكَّاشةٌ؛ عن أَبـي عمرو. وعُكَّاشة بن مِـحْصن الأَسدي: من الصحابة، وقد يُخفَّف.
وفي اللسان أيضاً:
عنكب: العَنْكَبُوتُ: دُوَيْبَّة تَنْسُجُ، فـي الهواءِ وعلـى رأْس البئر، نَسْجاً رقـيقاً مُهَلْهَلاً، مؤَنثة، وربما ذُكِّرت فـي الشعر؛ قال أَبو النـجم:
مـما يُسَدِّي العَنْكَبُوتُ إِذ خَلا
قال الفراء: العَنْكَبُوت أُنثى، وقد يُذَكِّرها بعض العرب؛ وأَنشد قوله:
علـى هَطَّالِهم منهم بُـيوتٌ كأَنَّ العَنْكَبُوتَ هو ابْتَنـاها
قال: والتأْنـيث فـي العنكبوت أَكثر؛ والـجمع: العَنْكبوتاتُ، وعَناكِبُ، وعَناكِيبُ؛ عن اللـحيانـي، وتصغيرها: عُنَـيْكِبٌ وعُنَـيْكِيبٌ، وهي بلغة الـيمن: عَكَنْباةٌ؛ قال:
كأَنما يَسْقُطُ، من لُغامِهـا بَـيْتُ عَكَنْباةٍ علـى زِمامِها
ويقال لها أَيضاً: عَنْكَباه وعَنْكَبُوه. وحكى سيبويه: عَنْكَباء، مستشهداً علـى زيادة التاءِ فـي عَنْكَبُوتٍ، فلا أَدري أَهو اسمٌ للواحد، أَم للـجمع. وقال ابن الأَعرابـي: العَنْكَبُ الذَّكَرُ منها، والعَنْكَبةُ الأُنثى.
وقـيل: العَنْكَبُ جنس العَنْكَبُوت، وهو يذكر ويؤْنث، أَعنـي العَنْكَبُوت. قال الـمُبَرِّدُ: العَنْكَبُوتُ أُنثى، ويذكَّر. والعَنْزَروت أُنثى ويذكر، والبُرْغُوثُ أُنثى ولا يذكر، وهو الـجمل الذَّلول؛ وقول ساعدة بن جؤَية:
مَقَتَّ نِساءً، بالـحجاز، صَوالِـحاً وإِنَّـا مَقَتْنا كلَّ سَوْداءَ عَنْكَبِ
في الصورة التالية ترى الستة أعين الأمامية.
وفي اللسان أيضاً:
خدرنق: الـخَدَرْنَقُ والـخَذَرْنق، بالدال والذال، ذكر العَناكِب، وفـي الصحاح بالدال الـمهملة؛ وأَنشد أَبو عبـيدة الزَّفَـيانِ السَّعْدِي:
ومَنْهَلٍ طامٍ علـيه الغَلْفَـقُ يُنِـيرُ أَو يُسْدِي به الـخَدَرْنَقُ
فإِذا جمعت حذفت آخره فقلت خَدارِن، ومنهم من قال الـخَدَرْنقُ العَنْكَبُوت ولـم يخص به الذكر، وقال أَبو مالك: العنكبوت الضخْمة.
وفي كتاب العين في اللغة للخليل ابن أحمد:
عنكب: العَنْكِبوتُ بلغةِ أَهْل اليَمَن العَنْكَبوه والعَنْكباه، والجمعُ العَناكِب، وهي دُوَيبَّةٌ تَنْسِجُ نَسْجاً بَيْنَ الهواء وعلى رَأْس البئر وغيرها، رقيقاً مُتَهُلْهِلاً، قال ذو الرُّمَّة:
هي اصطَنَعْته نَحْوَها وتَعاوَنَتْ
على نَسْجها بينَ المَثابِ عَناكبُه
وفي العين كذلك:
قال:
نَسَجَتْ بهاالزُّوَعُ الشَّتُونُ سبائباً لمْ يَطْوِها كَفُّ البِيَنْطِ المَجْفَلِ
والزُّوَعُ: العَنْكَبُوتُ، والمَجْفَل: العَظيمُ البَطْنِ. والبِنَطُ: الحائِك.
نتش: النَّتْشُ: إخراج الشّوك بالمِنتاش. والمِنْتاشُ: تسميِّه العامّة من النّاس المِنقاش، وهو الذي يُنْتَفُ به الشَّعر. والنَّتْشُ: جَذَّبُ اللَّحْم ونحوه قَرْصاً ونَهْشاً.
وفي تهذيب اللغة للأزهري:
ويقال لبيت العقرب: السُّكّ، والسُّكّ: البئر الضيقة.
وقال الليث: السُّكّ: طيبٌ يتخذُ مِن مِسْك ورامك.
والسُّكّ مِن الركايا: المستوِية الجراب والطَّيِّ. والسكّ: جُحْر العنكبوت.
والسكة: الطَّريق المستوي، وبه سميتْ سِكَك البريد.
وقد حاء في كتاب الحيوان للجاحظ:
قالوا: والحيوان الذي يطاوِل عند السِّفاد معروف، مثل الكلب والذئب والعنكبوت والجمل، وإن لم يكن هناك التحام، وإذا أراد العنكبوت السفادَ جلَبت الأنثى بعض خيوطِ نسْجها من الوسط، فإذَا فعلت ذلك فعَل الذكَر مثلَ ذلك، فَلاَ يزالانِ يتدانيان حتى يتشابكا فيصير بطنُ الذَّكر قُبالَةَ بطنِ الأنثى، وذلكَ شَبيهٌ بعادات الضفادع.
وفي كتاب جمهرة اللغة:
وزعم قوم من أهل اللغة أن العنكبوت تسمّى المُولَةَ، ولا أعرف ما صحّته، إلا أن قول الراجز:
حاملةٌ دَلْوَكَ لا محمـولَـهْ مَلأى من الماء كعينِ المُولَهْ
أي كعين المحزون يترقرق فيها الدمع.
وفي كتاب المخصص لابن سيده:
هي العنكبوت والجمع عناكب وعكاب وعكب وعنكب وعنكباء اسمان للجمع. ابن دريد: العنكبي والعنكبوه ويسمى المولة وليس بثبت وهو الخدرنق والخذرنق. أبو حاتم: الخذرنق ذكر العناكب. ابن جني: هو الخدنق والخذنق بغير راء والخذرنق. أبو حاتم: العكاش ذكر العنكبوت وتعكش العنكبوت إذا قبض قوائمه كأنه ينسج. ثعلب: أم قشعم في بيت زهير العنكبوت.
الأصمعي: الهلل نسج العنكبوت وقيل هي دويبة تلسع لسعاً شديداً.
أبو عبيد: الليث: هو الذي يأخذ الذباب وهو أصغر من العنكبوت غير واحد، الرتيلا مقصور ضرب من العناكب وحكى السيرافي فيها المد، والسك جحر العنكبوت وقد تقدم في العقرب، والدغفل ولد العنكبوت وبه سمي الرجل.
العقد الفريد لابن عبد ربه:
وليس ينسج من العناكب إلا الأنثى، وهي الخدرنق، وولد العنكب ينسج ساعة تولد.
وفي المحيط في اللغة لابن عباد:
وبِئْرٌ سُكٌّ: ضَيِّقَةُ الجِرَابِ والفَم، ورَكايا سُكٌّ. والسُكُّ: جُحْرُ العَقْرَبِ في لُغَةِ بني أسَدٍ. وجُحْرُ العَنْكَبُوتِ أيضَاً. وطَرِيْقٌ سُكٌّ: ضَيق. وكذلك الدِّرْعُ الضَّيَقَةُ.
وفي الصورة التالية يرى الختم البرتقالي اللون في أسفل البطن.
وفي مجمع الأمثال:
أَشْجَعُ مِنْ لَيْثِ عِفِرينَ.
زعم الأصمعي أنه دابة مثل الحِرْباء، تتعرض للراكب وتضرب بذنبها، وقالوا: هو منسوب إلى عِفِرينَ اسم بلد، ويقال: ليث عفرين دويبة مأواها التراب السهل في أصول الحيطان، تدور ثم تندسّ في جوفها، فإذا هيجت رَمَتْ بالتراب صُعُداً.
وقال الجاحظ: إنه ضرب من العَنَاكب يصيد الذباب صَيْدَ الفُهُود، وهو الذي يسمى الليث، وله ست عيون، فإذا رأى الذباب لطىء بالأرض وسكن أطرافه، فمتى وثب لم يخطىء.