الحُلْكَة Scincus mitranus mitranus دويبة ملساء (تسمى عندنا مليسة) ممتلئة الجسم، قصيرة الأطراف والأصابع، قوية الجسم، لا يمكن تمييز رقبتها من رأسها فهي بسمك جسمها تقريباً، وذيلها قصير. وقوة جسمها ورقبتها يساعدانها في التحرك بحركة تموجية كالسمكة لتغوص في الرمال بسرعة.
والحُلْكَةُ ليلية المعيشة حيث تخرج في الليل للبحث عن فرائسها، وهي قوية الفتك شديدة الافتراس، تفترس الحشرات والعناكب والعقارب، وكذلك الخنافس.
والحلكة جميلة المنظر، لامعة، فاتحة الألوان براقة، بها بقع برتقالية وأخرى صفراء، وبها أيضاً بقع بنية، وبطنها أبيض، ونعومة القشور التي تغطي جسمها تجعلها لامعة براقة، وقد شبَّه الشعراء كف وبنان الجواري بالحُلْكَة. ونعومة قشورها اللامعة تساعدها في الغوص في الرمال، وقد رأيتها وهي تغوص وتبقى في الرمال طيلة النهار، وتخرج فقط في الليل.
فتحات أنفها مغطاة لتمنع دخول الرمال عند التنفس. ويقال أن ضغط الرمال عليها وهي غائصة فيه يجعل تمديد رئتيها بحركات خارجية للتنفس عملية صعبة، لذلك تستخدم حركات فعالة داخلية من أسفل بطنها لتساعدها في تمديد وكمش رئتيها بدون تحريك جسمها من الخارج، والذي يراها ساكنة يظنها ميتة بسبب عدم تمدد جسمها عند التنفس.
وآذانها محمية كذلك من الرمال عند الغطس بواسطة قشرتين مسننتين كالمنشار خلف الفكين في نهاية نواجذها.
والحُلْكَة تسمى في بعض الكتب بالسقنقور وهذا خطأ حيث أن السقنقور من البرمائيات التي تسمى بالانجليزية بِـ Newt وجاء في القاموس المحيط: والسقنقور دابة تنشأ بشاطىء بحر النيل لحمها باهي. وهناك بعض التشابه بينهم لكن الحد الفاصل بينهم أن أحدهم بري والآخر برمائي.
وتعيش الحلكة في البراري في الأراضي الرملية، حيث تواجد الرمال الناعمة التي تعتبر مسكنها.
وتعتبر الحلكة من فصيلة Scincidae وتسمى باللغة الإنجليزية Sand fish Skink والعينة التي تم تصويرها صغيرة الحجم، حيث بلغ طولها الكلي 15.75سم، وكان طول الجسم 9سم أما الذيل فبلغ طوله 6.75سم
والحلكة تسمى أيضاً بنات النقا، والنقا هو التراب الناعم السافي الذي يتجمع ويكون مرتفع صغير، وذلك بسبب أنها تخرج وتغوص في الرمل.
وفي اللسان:
وشَحْمَةُ الأَرْضِ: معروفةٌ، وشحمةُ الأَرْضِ تسمى الحُلْكة، وهي بَنات النقا تغوص في الرمل كما يغوص الحوت في الماء، ويُشَبَّه بها بَنان العذارَى.
وفي موضع آخر من كتاب اللسان:
والحُلْكةُ والحُلْكاءُ والحُلَكاءُ والحَلَكاءُ والحُلُكَّى على فُعُلَّى: دويبة شبيهة بالعَظَاءة.
الأَزهري: والحُلَكةُ مثال الهُمزَة ضرب من العظَاء، ويقال: دُويْبة تغوص في الرمل.
قال ابن بري: شاهده قول الراجز:
يا ذا النِّجادِ الحُلَكَهْ
والزوجةِ المُشْتَركه
ليْسَتْ لِمَن لَيْسَتْ لَكَهْ
وورد أيضاً في اللسان:
واللُّحَكَة: دُويْبَّة قال: أَظنها مقلوبة من الحُلَكة؛ وقال ابن السكيت: هي دويبة شبيهة بالعَظايَة تَبْرُق زَرْقاء، وليس لها ذَنَب طويل مثل ذنب العَظاية، وقوائمها خفية.
وجاء كذلك في اللسان:
وبناتُ النَّقا هي الحُلْكة تُشبَّهُ بِهنَّ بَنانُ العَذارَى؛ قال ذو الرمة:
بناتُ النَّقا تَخْفَى مِراراً وتَظْهَرُ
وورد في اللسان:
قال الأَزهري: والعرب تسميها الحُلُكَّى وبناتِ النَّقا تَغُوصُ في الرمل كما يغوص الحوت في الماء، وبها يُشَبَّه بَنانُ العَذارَى ويقال: بنات النَّقا؛ وإِياها أَراد ذو الرمة بقوله:
بَناتُ النَّقَا تَخْفى مِراراً وتَظْهَرُ
وقال في اللسان:
والحُكَأَةُ: دُوَيْبَّة.
وقيل: هي العَظايةُ الضَّخْمَةُ، يهمز ولا يهمز، والجميع الحُكَأُ، مقصور.
ابن الأثير: وفي حديث عطاء أَنه سئل عن الحُكَأَة فقال: “ما أُحِبُّ قَتْلَها”.
الحُكَأَةُ: العَظاءة، بلغة أَهل مكة، وجمعها حُكَاءٌ، وقد يقال بغير همز ويجمع على حُكاً، مقصور.
قال أَبو حاتم: قالت أُمّ الهَيْثَمِ: الحُكاءةُ، ممدودة مهموزة؛ قال ابن الأَثير: وهو كما قالت؛ قال: والحُكاء، ممدود: ذكر الخنافس، وإِنما لم يُحِبّ قتلها لأَنها لا تؤذي؛ قال: هكذا قال أَبو موسى.
وروي عن الأَزهري أَنه قال: أَهل مكة يُسَمون العَظاءة الحُكأَةَ، والجمع الحُكَأُ، مقصورة.
وورد في اللسان:
ويقال للحُلَكة، وهي دويبة تسكن الرمل، كأَنها سمكة ملساء فيها بياض وحمرة: شَحْمة النَّقا، ويقال لها: بنات النَّقا؛ قال ذو الرمة وشبَّه بَنانَ العذارى بها:
بنات النَّقا تَخْفى مِراراً وتظْهَرُ
وجاء في كتاب الحيوان للجاحظ:
وأما قوله:
وغائصٌ في الرمل ذو حدَّةٍ ليس له ناب و لاظُفْرُ
فهذا الغائص هو الحلكاء. والحلكاء دويبة تغوص في الرمل، كما يصنع الطائر الذي يسمى الغماس في الماء. وقال ابن سحيم في قصيدته التي قصد فيها للغرائب:
والحلكاء التي تبعج في الرمل.
والبعج هو الشق.
ومما يغوص في الرمل، ويسبح فيه سباحة السمكة في الماء، شحمة الرمل، وهي شحمة الأرض، بيضاء حسنة يشبه بها كف المرأة، وقال ذو الرمة في تشبيه البنان بها:
خراعيب أمثالٌ كأنّ بنانَها بَناتُ النقا تخْفَى مراراً وتتظهرُ
وقال أبو سليمان الغنوي: هي أعرض من العظاءة بيضاء حسنة منقطة بحمرة وصفرة وهي أحسن دواب الأرض.
وجاء في كتاب حياة الحيوان الكبرى للدميري:
والحلكة والحلكاء والحلكاء والحلكى: بفتح الحاء المهملة وضمها وكسرها، دويبة شبيهة بالعظاية تغوص في الرمل.
وجاء في كتاب العين:
والعسودة دويبة بيضاء كأنها شحمة يقال لها بنت نقا تكون في الرمل يشبه بها بنان الجواري ويجمع على عسودات وعساود قال زائدة هي على خلق العظاء إلا أنها أكثر شحما من العظاء وإلى السواد أقرب.
وف كتاب مجمع الأمثال جاءت قصة المثل التالي:
رُبَّ أَخٍ لَكَ لَمْ تَلِدْهُ أمُّكَ.
يروى هذا المثلُ لِلُقْمَان بن عَاد، وذلك أنه أقبل ذاتَ يومٍ فبينا هو يسير إذ أصابه عَطَش، فهجَم على مِظَلَّة في فنائها امرأة تُدَاعب رجلا، فاستسقى لقمان، فقالت المرأة: اللبَنَ تَبْغِي أم الماء؟ قال لقمان: أيهما كان ولا عِدَاء، فذهبت كلمته مثلا، قالت المرأة: أما اللبن فخَلْفك وأما الماء فأمامَكَ، قال لقمان: المَنْعُ كان أوْجَزَ، فذهبت مثلا، قال: فبينا هو كذلك إذ نظر إلى صبي في البيت يَبْكي فلا يُكْتَرَث له ويَسْتَسقِى فلا يُسْقى، فقال: إنْ لم يكن لكم في هذا الصبي حاجة دفَعْتُمُوه إلي فكَفَلْته، فقالت المرأة: ذاك إلى هانئ، وهانئ زوجها، فقال لقمان: وهانئ من العَدَد؟ فذهبت كلمته مثلا، ثم قال لها: مَنْ هذا الشاب إلى جَنْبك فقد علمته ليس ببَعْلك؟ قالت: هذا أخي، قال لقمان: رُبَّ أخٍ لك لم تلده أمك، فذهبت مثلا، ثم نظر إلى أثر زوجها في فَتْل الشعر فعرف في فتله شَعْرَ البِناء أنه أعْسَر، فقال: ثكلَتْ الأعَيْسِرَ أمه، لو يعلم العِلْمَ لطال غَمُّه، فذهب مثلا، فذُعِرَتِ المرأة من قوله ذعراً شديداً، فعرضت عليه الطعام والشراب، فأبى وقال: المبيت على الطَّوَى حتى تَنَالَ به كريمَ المَئْوَى خيرٌ من إتيان ما لا تَهْوَى، فذهبت مثلا، ثم مضى حتى إذا كان مع العشاء إذا هو برجل يسوق إبلَه وهو يرتجز ويقول:
رُوحِي إلى الحيِّ فإنَّ نَفْسِي رَهِينَةٌ فيهم بِخَيْرِ عِرْسِ
حُسَّانَةُ المُقْلَةِ ذَاتُ أنْسِ لا يُشْتَرَى اليومُ لها بأمْسِ
فعرف لقمان صوته ولم يَرَه، فهتف به:
يا هانئ، يا هانئ، فقال: ما بالُكَ؟ فقال:
يَا ذَا البِجَادِ الحلكة والزَّوْجَةِ المُشْتَركَهْ
عِشْ رُوَيْداً أبْلُكَهْ لَسْتَ لِمَنْ لَيْسَتْ لَكَهْ
فذهبت مثلا، قال هانئ: نَوِّرْ نَوِّرْ، لله أبوك، قال لقمان: عليَّ التنوير، وعليك التَّغيير، إن كان عندك نكير، كل امرئ في بيته أمير، فذهبت مثلا، ثم قال: إني مَرَرْتُ وبي أُوَام فَدُفِعْتُ إلى بيت فإذا أنا بامرأتك تغازل رجلا، فسألتها عنه، فزعَمَتْهُ أخاها، ولو كان أخاها لجلَّى عن نفسه وكفاها الكلام، فقال هانئ: وكيف علمت أن المنزل منزلي والمرأة امرأتي؟ قال: عرفت عَقَائِقَ هذه النوق في البناء، وبوهدة الخلية في الفِناء، وسَقْب هذه الناب، وأثَرِ يدك في الأطناب، قال: صدقتني فِدَاك أبي وأمي، وكذبتني نفسي، فما الرأي؟ قال: هل لك علم؟ قال: نعم بشأني، قال لقمان: كل امرئ بشأنه عليم، فذهبت مثلا، قال له هانئ: هل بقيَتْ بعد هذه؟ قال لقمان: نعم، قال: وما هو؟ قال: تَحْمِي نفسك، وتحفظ عِرْسَك، قال هانئ: أفعل، قال لقمان: مَنْ يَفْعلِ الخير يَجِد الخبر، فذهبت مثلا، ثم قال: الرأيُ أن تقلب الظهرَ بَطْناً والبَطْنَ ظهراً، حتى يستبين لك الأمر أمراً، قال: أفلا أعاجِلُها بِكَيَّةٍ، توردها المنية، فقال لقمان: آخر الدَّوَاء الكَيُّ، فأرسلها مثلا، ثم انطلَقَ الرجلُ حتى أتى امرأته فقصَّ عليها القصة، وسل سيفه فلم يزل يضربها به حتى بَرَدَتْ.
وفي كتاب نزهة المشتاق في إختراق الآفاق للشريف: محمد بن محمد الإدريسي، الصقلي:
وفيه أيضا السقنقور وهو صنف من التمساح لا يشاكل السمك من جهة يديه ورجليه ولا يشاكل التمساح لأن ذنبه أملس مستدير وذنب التمساح مسيف وشحمه يتعالج به للجماع وكذلك ملحه الذي يملح به والسقنقور لا يكون بمكان إلا في النيل من حد أسوان والتمساح أيضا لا يكون في نهر ولا بحر إلا ما كان منه في نيل مصر وهو مستطيل الرأس وطول رأسه نحو طول نصف جسده وذنبه ملوح وله أسنان لا يقبض بها على شيء من السباع أو من الناس إلا ومر به في الماء وهو بري وبحري لأنه يخرج إلى البر فيقيم به اليوم والليله يدب على يديه ورجليه ويضر في البر لكن ضررا قليلا وأكثرضرره في الماء ثم إن الله سبحانه سلط عليه دابة من دواب النيل يقال لها اللشك وهي تتبعه وترتصده حتى يفتح فمه فإذا فتحه وثبت فيه فتمر في حلقه ولا تزال تأكل كبده ومعاه حتى تفنيه فيموت.
وجاء في كتاب الحيوان للجاحظ (ت 250هـ):
وأما قول كثير من العلماء، ومن نقب في البلاد، وقرأ الكتب، فإنهم يزعمون أن للسَّقَنْقور أيرين، وهو الذي يتداوى بع العاجز عن النكاح، ليورثه ذلك القوة.
وجاء في موضع آخر من كتاب الحيوان للجاحظ:
والسَّقَنْقور إنما ينفع أكله إذا اصطادوه في أيام هَيْجه وسِفاده، لأنَّ العاجز عن النساء يتعالج بأكل لحمه، فصار لحم الهائج أهْيَج له.
وأما الدميري صاحب كتاب حياة الحيوان الكبرى فيقول (ت 808 هـ):
السَّقَنْقور: نوعان: هندي ومصري، ومنه ما يتولد في بحر القلزم (البحر الأحمر) وهو البحر الذي غرق فيه فرعون وهو عند عقبة الحاج، ويتولد أيضاً في بلاد الحبشة وهو يغتذي بالسمك في الماء وبالقطا في البر يسترطه كالحيات، أنثاه تبيض عشرين بيضة تدفنه في الرمل فيكون ذلك حضناً لها. وللأنثى فرجان، وللذكر ذكران كالضب، قاله التميمي. وقال أرسطو: السَّقَنْقور حيوان بحري وربما تولد في البحر في مواضع الصواعق، وبينه وبين الحية عداوة حتى إذا ظفر أحدهما بصاحبه قتله.والفرق بينه وبين الورل من وجوه منها أنَّ الورل بري لا يأوي إلا البراري، والسَّقَنْقور لا يأوي إلا بالقرب من الماء أو فيه، ومنها أن جلد السَّقَنْقور ألين وأنعم من جلد الورل، ومنها أن ظهر الورل أصفر وأغبر وظهر السَّقَنْقور مدبج بصفرة وسواد، والمختار من هذا الحيوان الذكر، فإنه أفضل وأبلغ في النفع المنسوب إليه من أمر الباه قياساً وتجربة بل كاد أن يكون هو المخصوص بذلك والمختار من أعضائه ما يلي ذنبه من ظهره فهو أبلغ نفعاً. وهذا الحيوان نحو ذراعين طولاً ونصف ذراع عرضاً. قال في المفردات: لا يعرف اليوم في عصرنا السَّقَنْقور في الديار المصرية إلا ببلاد الفيوم، ومنها يجلب إلى القاهرة لمن عني بطلبه، وإنّما يصاد في أيام الشتاء لأنه إذا اشتد عليه البرد يخرج إلى البر، فحينئذ يصاد. الحكم: يحل أكله لأنه سمك، ويحتمل أن يأتي فيه وجه بالحرمة لأن له شبهين في البر، أحدهما حرام وهو الورل، والآخر يؤكل وهو الضب تغليباً للتحريم.
أما قصيدة ذي الرمة غيلان بن عقبة بن مسعود (ت 117 هـ) فيذكر فيها الحلكة والحرباء:
خليليَّ لا رسمٌ بوهبينَ مُخبرُ ولا ذو حجاً يستنطقُ الدارَ يُعذرُ
فسيرا فقدْ طالَ الوُقوفُ وملَّهُ قلائصُ أشباهُ الحنيّاتِ ضُمَّرُ
أصاحِ الذي لو كانَ ما بي من الهوى به لم أدعهُ لا يُعزّى ويُنظرُ
لكَ الخيرُ هلاّ عُجتَ إذ أنا واقفٌ أغيضُ البُكا في دار ميّ وأزفرُ
فتنظرَ إنْ مالتْ بصبري صبابتي إلى جزعي أم كيفَ إنْ كانَ أصبرُ
إذا شئتُ أبكاني بجرعاءِ مالكٍ إلى الدَّحلِ مُستبدىً لِمَيٍّ ومَحضَرُ
وبالزُّرقِ أطلالٌ لمَيَّةَ أقفرتْ ثلاثةَ أحوالٍ تُراحُ وتُمطرُ
يهيجُ البُكا ألاّ تريمَ وأنَّها ممرٌّ لأصحابي مراراً ومنظرُ
إذا ما بدتْ حزوى وأعرضَ حاركٌ منَ الرَّملِ تمشي حوله العينُ أعفرُ
وجدتُ فؤادي همَّ أنْ يستخفَّهُ رجيعُ الهوى منْ بعضِ ما يتذكَّرُ
عدتني العوادي عنكِ يا ميُّ بُرهةً وقدْ يُلتوى دونَ الحبيبِ فيُهجرُ
على أنَّني في كلِّ سيرٍ أسيرُهُ وفي نظري من نحوِ أرضكِ أصورُ
فإنْ تُحدثِ الأيامُ يا ميُّ بيننا فلا ناشرٌ سرّاً ولا متغيِّرُ
أقولُ لنفسي كلَّما خفتُ هفوةً منَ القلبِ في آثارِ ميٍّ فأُكثرُ
ألا إنَّما ميٌّ فصبراً بليَّةٌ وقدْ يُبتلى المرءُ الكريمُ فيصبِرُ
تذكِّرُني ميّاً منَ الظّبي عينهُ مراراً وفاهاً الأُقحوانُ المنوَّرُ
وفي المرطِ منْ ميٍّ توالي صريمةٍ وفي الطَّوقِ ظبيٌ واضحُ الجيدِ أحورُ
وبينَ ملاثِ المرطِ والطَّوقِ نفنفٌ هضيمُ الحشا رأدُ الوشاحينِ أصفرُ
وفي العاجِ منها والدَّماليجِ والبُرى قناً مالئٌ للعينِ ريّانُ عبهرُ
خراعيبُ أملودٌ كأنَّ بنانها بناتُ النَّقا تخفى مراراً وتظهرُ
ترى خلفها نصفاً قناةً قويمةً ونصفاً نقاً يرتجُّ أو يتمرمرُ
تنوءُ بأُخراها فلأياً قيامُها وتمشي الهُوينى منْ قريبٍ فتُبهرُ
وماءٍ كلونِ الغِسلِ أقوى فبعضُهُ أواجنُ أسدامٌ وبعضٌ معوَّرُ
وردتُ وأردافُ النُّجومِ كأنَّها قناديلُ فيهنَّ المصابيحُ تزهرُ
وقد لاحَ للسَّاري الذي كمَّلَ السُّرى على أخرياتِ اللَّيلِ فتقٌ مُشهَّرُ
كلونِ الحصانِ الأنطِ البطنِ قائماً تمايلَ عنهُ الجُلُّ واللّونُ أشقرُ
تهاوى بيَ الظلماءَ حرفٌ كأنَّها مسيَّحُ أطرافِ العجيزةِ أصحرُ
سنادٌ كأنَّ المسحَ في أخرياتها على مثلِ خلقاءِ الصَّفا حينَ تخطرُ
نَهوضٌ بأخراها إذا ما انتحى لها منَ الأرضِ نهّاضُ الحزابيِّ أغبرُ
مغمِّضُ أسحارِ الخُبوتِ إذا اكتسى منَ الآلِ جُلاًّ نازحُ الماءِ مقفرُ
ترى فيه أطرافَ الصَّحارى كأنَّها خياشيمُ أعلامٍ تطولُ وتقصُرُ
يظلُّ بها الحرباءُ للشّمسِ ماثلاً على الجذلِ إلاّ أنَّه لا يكبِّرُ
إذا حوَّلَ الظِّلَّ العشيُّ رأيتهُ حنيفاً وفي قرنِ الضُّحى يتنصَّرُ
غدا أكهبَ الأعلى وراحَ كأنَّهُ منَ الضِّحِّ واستقبالهِ الشَّمسَ أخضرُ
أنا ابنُ الذينَ استنزلوا شيخَ وائلٍ وعمرو بنَ هندٍ والقنا يتطيَّرُ
سمونا لهُ حتَّى صبحنا رجالَهُ صدورَ القنا فوقَ العناجيجِ تخطِرُ
بذي لجبٍ تدعو عديّاً كماتهُ إذا عثَّنتْ فوقَ القوانسِ عثيرُ
وإنا لحيٌّ ما تزالُ جيادُنا تُوطَّأُ أكبادَ الكُماةِ وتأسِرُ